16
الفصل 16: توقفي عن الحلم
وقفت لي ياو مواجهةً غو هانمينغ، وعيناها ثابتتان رغم اختلال ميزان القوى بينهما
فهو يقف أمامها كمزارع في مرحلة تكوين النواة، بينما لم تتجاوز هي مرحلة تأسيس الأساس
ومع ذلك لم يكن قلقها على نفسها، بل كان فكرها مشغولًا بأخيها الأكبر الذي اختفى في الغابة—أخوها الأصغر بالكاد بدأ رحلة الزراعة، لم يتجاوز الطبقة الأولى من صقل الجسد، والآن يطارده خمسة مبتدئين
ثلاثة من هؤلاء الصيادين قد بلغوا بالفعل الطبقة الثانية من صقل الجسد، وما هو أدهى أن اثنين منهم وصلوا إلى الطبقة الثالثة
لم يكتفوا بكونهم أكثر عددًا منه، بل كانوا يتفوقون عليه في القوة الخالصة أيضًا
«لماذا تظل عيناك تتجهان إلى هناك؟» تكلم العميد بصوتٍ يقطر سخريةً، «هل تقلقين على أخيك الأكبر؟» ارتسمت ابتسامة قاسية على وجهه، «لا تقلقي، رجالي سيحرصون على العناية به كما ينبغي»
اشتعل الغضب في صدر لي ياو، إحساس حارق هدد أن يعمي بصيرتها
أخذت نفسًا عميقًا لتكبح انفعالها وهي تشد قبضتها على سيفها
قست نظرتها وهي تلاقي عيني العميد بلا تردد
«سأقتلك قبل أن يصلوا إلى أخي الأكبر» أعلنت بصوت يحمل يقينًا مطلقًا
«هاهاها!» انفجر العميد ضاحكًا وكتفاه يهتزان بمرحٍ حقيقي، «تسقطينني؟ أنتِ؟» أشار باستهانة إلى قوامها النحيل، «توقفي عن الحلم!»
وبتلك السخرية الأخيرة اندفع نحوها، جسده يتحول إلى ومضةٍ سريعة، «اليوم سأقتلك قربانًا لأخي الصغير» زمجر وهو يقطع المسافة بينهما
قبضته الملتفة بهالةٍ من الطاقة الروحية اخترقت الهواء بسهولةٍ مروعة
مقترنةً بقوة تكوين النواة كانت سرعته مرعبة حقًا—تفوق قدرة أي مزارع في تأسيس الأساس على إدراكها فضلًا عن صدّها
كان قد وصله خبرٌ أن لي ياو تخفي مستواها الحقيقي، ورغم أنه صُدم في البداية، إلا أن الأمر لم يعد يقلقه
سواء أخفت قوتها أم لا فمصيرها واحد—الموت
وأثناء اقترابه منها طالت عيناه جسدها، ومرّ بخاطره: يا للخسارة أن تهلك عبقرية جميلة كهذه في هذا العمر المبكر
لو لم تكن قتلت أخاه لربما أبقى على حياتها وجعلها حليفته في فراشه
جعلته الفكرة يرسم ابتسامة دنيئة وهو يوجّه قبضته نحوها
في اللحظة التالية كان يفترض أن تسدد ضربته وتُنهي وجودها بضربةٍ قاضية
لكن حين لم تفصله عنها سوى بضع بوصات، تحركت لي ياو بخطوةٍ جانبيةٍ هادئة وتجنبت الهجوم كليًا
«ماذا؟» حلّت الصدمة محل ثقته وهو يجد نفسه يندفع قُدمًا بقوة زخمه، والطاقة المسخرة في ضربته تجذبه إلى الأمام فاقدًا توازنه
وبغريزةٍ سريعة حول ضربته، مصوبًا القوة نحو الأرض
اصطدمت قبضته بالأرض بضربةٍ مدمرةٍ، فاهتزت الأرض وانفجر الغبار في سحابة كثيفة حجبت الرؤية مؤقتًا
وحين انقشع الغبار ظهر فوهة هائلة حيث سقطت ضربته
وقف غو هانمينغ في مركزها رافعًا بصره ببطء ليجد لي ياو تقف بهدوء عند حافة الحفرة تنظر إليه بازدراءٍ لا لبس فيه
«كيف يكون هذا ممكنًا؟» صاح غير مصدق، «لا يمكن لشخصٍ بالكاد اخترق إلى مرحلة تأسيس الأساس أن يتجنب هجومي»
نظرت إليه لي ياو ببرود، تعابيرها لم تتغير
«ومن قال إنني بالكاد اخترقت إلى مرحلة تأسيس الأساس؟» ردّت
قبل أن يدرك العميد كلماتها اشتعلت هالتها فجأة
طاقتها الروحية تصاعدت بوضوح، ارتفعت من الطبقة الأولى لتأسيس الأساس إلى الثانية، ثم الثالثة، فالرابعة، حتى استقرت أخيرًا عند قمة مرحلة تأسيس الأساس
اتسعت عينا العميد بدهشةٍ حين أدرك الحقيقة
عندما سمع أن عبقرية الطائفة أخفت قوتها الحقيقية وبلغت مرحلة تأسيس الأساس تفاجأ لكنه لم يرتبك
فقد كانت سابقًا عند قمة جمع الطاقة—ربما وجدت بعض الحبوب النادرة لتساعدها على الاختراق
لكن هذا؟ هذا يفوق حدود الفهم
لم تكن مجرد مزارعة في مرحلة تأسيس الأساس—لقد بلغت ذروتها المطلقة
معدل تقدمها لم يعد معدل عبقرية بعد الآن؛ بل أمر وحشي يتحدى التفسير
كيف تقدمت إلى هذا الحد دون أن يكتشف أحد مستواها الحقيقي؟
لبرهة خطرت بباله فكرة التراجع، دافع البقاء كاد يتغلب على عطشه للانتقام
لكن كبرياءه سرعان ما فرض نفسه، حتى عند قمة تأسيس الأساس فهي تظل في النهاية مزارعة في تلك المرحلة، بينما هو سيد في تكوين النواة
الفجوة بين مستوييهما كالفرق بين السماء والأرض
بينما تأسيس الأساس لا يمثل سوى بدايات وضع الأساس لمسيرة الزراعة، فإن تكوين النواة يمثّل بداية الزراعة الحقيقية
الفارق لم يكن كبيرًا وحسب—بل كان لا يُجتاز
لا موهبة تستطيع ردم هوةٍ بهذا العمق
أقنع نفسه بأنها حالفها الحظ فقط حين تفادت ضربته السابقة
اعتدل في وقفته وهو ينظر إليها بثقةٍ متجددة
«همف، حتى لو أخفيت قوتك، فما الذي يغيّر ذلك؟ أنت مجرد فتاة في تأسيس الأساس» سخر وهو يلوّح بيده مستهينًا بإنجازها
«لا تظني أنك تجسرين هوة القوة بهذا وحده»
ارتسمت على شفتي لي ياو ابتسامة خطرة وهي تحرك جسدها استعدادًا للانقضاض
«سنرى بشأن ذلك» أجابت ببساطة، قبل أن تنطلق من مكانها وسيفها يتلألأ وهي تهجم مباشرةً على خصمها