الفصل 96
الفصل 96: تأثير السماء
واصلت “تساي بينغ” بيع عدد من العناصر بينما كان الكتاب القديم المغبر ينتقل من يدٍ إلى أخرى. ومع مرور الوقت، مضى أكثر من ساعة كاملة. أدرك “أليكس” أنه على الرغم من أنه ربما كان أكثر من ربح من هذا المزاد بشكلٍ عام إذا حُسبت الأسعار الفردية، فإن حبوبه لم تكن الأعلى سعراً مقارنة ببعض المعروضات الأخرى.
فالعناصر الأخيرة في المزاد كانت تبدأ بسعرٍ لا يقل عن 5 أحجار روح حقيقية، ومع نهاية المزاد كانت أغلبها تتجاوز 10 أحجار حقيقية.
عرضت “تساي بينغ” ثالث آخر عنصرٍ في مزاد اليوم، وكشفت القماش لتُظهر زجاجة حبوب.
قالت بصوتٍ واضح:
“هذه الحبة تُعرف باسم حبة إعادة توحيد الروح، وقد صُنعت بواسطة زعيم طائفة “هونغ وو”، الحاكم “ما رونغ”. ولمن لا يعرف، فحبة إعادة توحيد الروح هي حبة من الدرجة الحقيقية، يمكنها مضاعفة فرص اختراق المزارع في المرتبة الحقيقية بما لا يقل عن ثلاث مرات في المستوى البشري.
أما في المستوى الأرضي، فهي ترفع احتمالية الاختراق بما لا يقل عن عشر مرات.
وأما في المستوى السماوي، فهي تكاد تضمن النجاح في الاختراق تماماً.”
تابعت قائلة:
“هذه الحبة التي في يدي تمتلك تجانساً بنسبة 48%، ما يعني أن من يحصل عليها سيُحرز تقدماً مضموناً في طريقه كمزارع. وسنبدأ المزايدة بـ 20 حجراً روحياً حقيقياً، مع زيادةٍ لا تقل عن 10 أحجارٍ روحيةٍ عادية في كل مرة.”
بدأت القاعة تضجّ بالأصوات حتى إن “تساي بينغ” لم تستطع تمييز العروض الأولى من شدة الضجيج.
“21 رو…”
“22 رو…”
كان الناس يتسابقون في المزايدة لدرجة أن أحدهم لم يكن يُكمل نطقه قبل أن يصرخ الآخر بعرضٍ أعلى.
أما “أليكس” فكان مبهوتاً تماماً من نسبة التجانس تلك.
التفت نحو معلمته قائلاً:
“يا معلمة، أنتِ أبرع مني حقاً. لقد صنعتِ حبةً حقيقية بتجانسٍ بلغ 48%!”
ابتسمت “ما رونغ” وقالت:
“ليست الموهبة يا فتى، بل الخبرة. حين تكتسب الخبرة الكافية، ستصل إلى هذا المستوى أنت أيضاً.”
أومأ “أليكس” بتفهم، ثم عاد ينظر إلى القاعة حيث كان الناس يكادون يتقاتلون لرفع العروض. حينها أدرك مدى استعداد المزارعين لفعل أي شيء من أجل زيادة فرصة اختراقهم.
تساءل في نفسه:
“هل يواجه الناس فعلاً كل هذا العناء أثناء محاولة الاختراق؟”
فهو لم يعانِ من ذلك قط، إذ كانت فرص اختراقه %100 دائماً. بل كان عليه أن يُبطئ من وتيرته لأنه كان أفضل من اللازم.
استمر المزاد على حبة معلمته، ولم يبدُ أنه سيتوقف قريباً.
طرقٌ خافت سُمع على الباب — طَق طَق.
فتحت العاملة الباب لتُدخل أخرى تحمل كتاباً موضوعاً على صينية. انحنت باحترام وقالت:
“تفضّلي يا زعيمة الطائفة ما، هذا هو الكتاب.”
كان ذلك الكتاب القديم المغبَّر قد وصل أخيراً إلى غرف كبار الشخصيات جداً.
تناولت “ما رونغ” الكتاب وبدأت بتصفحه. كانت تأمل أن تتمكن على الأقل من فهم بعض الجمل لمعرفة اسمه أو موضوعه، لكنها فوجئت بأنها لم تستطع قراءة كلمةٍ واحدة.
اللغة كانت غريبةً تماماً عليها. تصفحت كل الصفحات المملوءة بالكلمات، لكنها لم تجد شيئاً مفهوماً سوى الصفحة الأخيرة، التي احتوت على رسالة العائلة المالكة للكتاب، تؤكد أنه إرثهم العائلي.
انتهت الدقيقة المخصصة لها، فأعادت الكتاب للعاملة التي انحنت وغادرت مسرعة.
تنهدت “ما رونغ” والتفتت لترى كيف يسير المزاد على الحبة، لكنها لاحظت أن “أليكس” كان يحدق في الفراغ، ملامحه جادة.
سألت بقلق:
“يو مينغ؟ ما الأمر؟ تبدو شارد الذهن.”
أفاق “أليكس” من تفكيره وابتسم قائلاً:
“آه، لا شيء يا معلمة. فقط دهشتُ من فكرة أن بإمكان المرء استخدام الإحساس الروحي لمهاجمة الآخرين. كان ذلك مدهشاً فعلاً.”
قطّبت “ما رونغ” حاجبيها قائلة:
“مهاجمة الآخرين بالإحساس الروحي؟ ما الذي تعنيه؟ هذا مستحيل تماماً.”
نظر إليها باستغراب وقال:
“هاه؟ أليس هذا ما تفعله تقنية تأثير السماء؟”
“تأثير السماء؟ ما هذا؟” سألت بدهشة.
ابتسم “أليكس” بخفة وقال:
“ما الذي تقولينه يا معلمة؟ إنها التقنية الموجودة في الكتاب الذي قرأناه للتو!”
ارتجفت “ما رونغ” لثانية قبل أن تتسع عيناها بدهشة هائلة.
“انتظر… هل تقول إنك قرأت الكتاب؟!”
“آه، هل لم يكن مسموحاً لي؟ آسف، قرأت الصفحة التمهيدية فقط، لم أكمل الباقي.”
شهقت “ما رونغ” وقد غمرها الذهول:
“لقد قرأته؟! أنت تستطيع قراءة ذلك الكتاب؟!”
أجابها ببراءة:
“طبعاً أستطيع، أليست لديكِ نفس القدرة يا معلمة؟”
“بالطبع لا! ألم تسمع ما قالته مقدّمة المزاد؟ لا أحد يستطيع قراءته!”
أمال رأسه وقال:
“لكن أليس هذا طبيعياً في كتب التقنيات العليا يا معلمة؟ ألم تقولي بنفسك إنك احتجتِ شهرين لقراءة تقنية الخلود؟ ربما أفراد العائلة لم يكونوا موهوبين بما يكفي، فاحتاجوا وقتاً طويلاً لفهمها.”
كانت “ما رونغ” مصدومة تماماً. تلميذها أساء فهم الموقف كلياً، لكنه في الوقت ذاته فعل ما لم يفعله أحد منذ آلاف السنين — قرأ ما كان يُعتقد أنه كتابٌ سماوي غير قابل للفهم.
سألته مجدداً بصوتٍ جاد:
“يو مينغ، هل أنت متأكد أنك تستطيع قراءة ذلك الكتاب؟”
أجابها بثقة:
“نعم.”
سألته بدهشة أكبر:
“إذن… هل يمكنك قراءة تلك اللغة؟”
قال باستغراب:
“لغة؟ أي لغة؟”
“اللغة التي كُتب بها الكتاب، بالطبع!” قالت “ما رونغ” وهي تزداد توتراً.
أجابها بذهول:
“تلك كانت لغة؟! ظننت أن تلك الخطوط مجرد رموزٍ تُغرس في الدماغ لنقل المعرفة!”
هزّت رأسها قائلة:
“بالطبع لا! تلك كلمات تُقرأ وتُفهم، وهكذا تتعلم التقنية!”
صُدم “أليكس” أكثر، فأخرج من حقيبته كتاب ظلال متراقصة وقال وهو يفتحه:
“معلمتي، أتقصدين أن هذه الخطوط أيضاً لغة؟ وأنك قادرة على قراءتها؟”
حدّقت فيه “ما رونغ” مذهولة وقالت:
“طبعاً هي لغة! لا تقل لي أنك تعلمت محتواها دون أن تفهم اللغة المكتوبة فيها؟!”