الفصل 95
الفصل 95: لا يُقدّر بثمن… وعديم القيمة
أخذ موظفو دار المزاد جميع القوارير تقريبًا، ولم يتبقَّ سوى اثنتين فقط. رفعت «تساي بينغ» إحداهما وقالت بصوتٍ واضح:
“تحتوي هذه القارورة على ترياق المئة سمّ. ورغم أننا عرضنا هذا النوع من الحبوب قبل قليل، إلا أن هذه الحبّة تستحق أن تنال لحظتها الخاصة تحت الأضواء، لأنها تتمتع بدرجة تناغم تبلغ 40%.”
بدأت همهمات متداخلة تنتشر في القاعة بينما كان الناس يتهامسون بدهشة. انتظرت «تساي بينغ» حتى خفَّت الضوضاء قليلاً، ثم تابعت حديثها:
“هذه الحبّة قادرة على علاج أي سمّ دون مستوى الدرجة الحقيقية. لذا، سيبدأ المزاد عليها من 30 حجراً روحياً، مع زيادةٍ دنيا قدرها حجرٌ واحد لكل مزايدة.”
ما إن أنهت كلامها حتى انطلقت المزايدات من كل أنحاء القاعة. ورغم كثرة الحبوب التي بيعت حتى الآن، إلا أن حماس الحضور لم يخفت كثيراً.
نظرت «ما رونغ» إلى تلميذها وسألته:
“هل صنعت حبّة قوة النمر ذات التناغم 43% بعد هذه الحبّة؟”
تفاجأ أليكس وقال:
“هل تعرفين تلك الحبّة يا معلمتي؟ آه، لا بد أنكِ رأيتِ ما سجلته سابقاً. لقد صنعت تلك قبل يومين فقط، أما هذه فصنعتها يوم الأحد، أي قبل ستة أيام.”
ابتسمت المعلمة برضا وقالت:
“جيد. أنت تتطور بسرعة، لكن احذر أن يجعلك هذا الغرور يغيّر شخصيتك. الناس يتقبلون الساذج الطيب أكثر من المتعجرف المتكبر.”
تنفس أليكس الصعداء لأنها لم تغضب منه.
انتهت المزايدة أخيراً بفوز أحد المشترين بالحبّة مقابل 63 حجراً روحياً. شعر أليكس بسعادةٍ غامرة؛ لم يكن يحلم يوماً أن يبيع حبّة واحدة بهذا السعر.
ثم كشفت «تساي بينغ» عن القارورة الأخيرة وقالت:
“هذه هي ثاني أفضل حبّة لدينا اليوم. أما الأولى، فهي من الدرجة الحقيقية، لذا لا أظن أنه من العدل مقارنتهما.”
“هذه الحبّة تُعرف باسم حبّة لوتس الشفاء. وأي شخصٍ ملمّ بعلم الحبوب يعلم أنها من أفضل حبوب الشفاء على الإطلاق ضمن الحبوب العادية، وربما الأفضل فعلاً. فهي قادرة على انتشالك من حافة الموت ما دمت تملك رمقاً بسيطاً من الحياة، كما تشفي الأمراض فور تناولها.”
ثم رفعت صوتها بفخر:
“وليس هذا فحسب، بل إن كبير الخيميائيين «الذئب الأبيض» لم يقدّم لنا حبّة كهذه فحسب، بل صنعها بدرجة تناغم مذهلة بلغت 45%!”
ضجّت القاعة من جديد.
«45%؟ هل سمعت ذلك؟!»
«يا حاكم السماوات! هذا أقل بخمس نقاط فقط من التحوّل إلى حبّة من الدرجة السماوية!»
«هل يمكن أن يكون هذا الخيميائي من الدرجة الأرضية الحقيقية، وقد تكرّم علينا بصنع حبوبٍ عادية فحسب؟!»
كانت الصدمة التي عمّت المكان أكبر بكثير مما توقّعه أليكس. بدا وكأن زيادة 5% في التناغم جعلت الجميع يفقدون عقولهم.
التفت إلى معلمته، فوجدها بدورها مذهولة قليلاً.
قالت:
“تواصل إبهاري يوماً بعد يوم… لقد صنعت حبّة بتناغم 45%؟”
فأجابها متعجباً:
“هل هذا مذهل فعلاً إلى هذه الدرجة؟ لقد صنعت واحدةً بتناغم 43% من قبل.”
ابتسمت وقالت موضحة:
“طبعاً! كلما ارتفعت نسبة التناغم، تضاعفت الصعوبة. الفرق بين 43% و45% يعادل الفرق بين 10% و18%! فكل ارتفاعٍ بسيط في هذا المستوى يتطلب مهارة وخبرة مضاعفة. وهذا وحده يثبت مدى موهبتك.”
موقع مركز الروايات يقدم هذه الرواية دون أي إعلانات مزعجة، ووجودك معنا هو دعم للمترجمين والقراء العرب.
أزال شرحها التباسه، فقال في نفسه:
“الآن أفهم لماذا بدوا مذهولين إلى هذا الحد.”
واستمر المزاد في تصاعدٍ محتدم حتى وصلت المزايدة النهائية إلى 139 حجراً روحياً.
صرخت «تساي بينغ»:
“139 حجراً روحياً… مرة أولى!”
“139 حجراً روحياً… مرة ثانية!”
“139 حجراً روحياً… مرة ثالثة! بيعت!”
ثم ضربت مطرقة المزاد على الطاولة، ودخل أحد الموظفين ليأخذ القارورة، بينما أحضر آخر طبقاً صغيراً مغطى بقماش، بدا من شكل ظلّه أنه يخفي شيئاً مستطيلاً.
“العنصر التالي في المزاد هو كتاب.”
أزاحت «تساي بينغ» القماش لتكشف عن كتابٍ قديمٍ متربٍ مهترئ الأطراف. كانت بعض أجزائه ممزقة قليلاً، لكنه بدا متماسكاً بشكلٍ عام.
حملته ورفعته أمام الجمهور. كان الغلاف الخارجي مغطى بالغبار، لكن على سطحه كلمات سوداء لامعة كأنها مصوغة من الذهب.
قالت بصوتٍ هادئ ولكن مشحونٍ بالإثارة:
“هذا الكتاب قد يكون أعظم ما بيع في دار المزاد على الإطلاق… أو ربما أسوأ ما بيع فيها أيضاً.”
توقفت قليلاً لتثير فضول الحاضرين.
صاح أحدهم:
“أعظم ما بيع وأسوؤه في الوقت نفسه؟ ما الذي تعنينه، سيدتي تساي؟!”
وأضاف آخر:
“رجاءً، فسّري لنا هذا الكلام!”
ابتسمت «تساي بينغ» وأجابت:
“هذا الكتاب أُعطي إلينا من شخصٍ رغب في عدم الكشف عن هويته. إنه إرثٌ عائليّ احتفظت به أسرته لأكثر من ألف عام. ووفقاً لما تناقله أجدادهم، فقد نزل ذات يومٍ أشخاصٌ من السماء وأقاموا في نُزلهم الصغير.”
“لم يكن أولئك القادمون من السماء يملكون مالاً لدفع تكاليف إقامتهم، فتركوا لصاحب النُزل هذا الكتاب عوضاً عن المال، ثم رحلوا عائدين إلى السماء.”
“ومنذ ذلك الحين، مرّت أجيالٌ من المزارعين في تلك الأسرة، لكن لم يتمكن أحدٌ منهم من فهم محتوى الكتاب.”
رفعت الكتاب ببطءٍ وأكملت بنبرةٍ درامية:
“أُعطي لهم من قِبل من لا يمكن أن يكونوا سوى الخلوديين الأسطوريين، ومع ذلك لم يستطيعوا قراءته. لذا، فهو كتاب عديم القيمة… لكنه في الوقت نفسه لا يُقدّر بثمن.”
“إن لم يتمكن أحدٌ من قراءته، فسيكون أسوأ سلعةٍ عرضناها على الإطلاق. أما إن تمكّن أحدٌ من فهمه… فسيكون أعظم كنزٍ بيع في تاريخ هذا المكان.”
ثم قالت وهي تومئ نحو إحدى الموظفات:
“ولهذا، سنمنحكم فرصةً لاختباره بأنفسكم.”
تقدمت الموظفة وحملت الكتاب بين يديها.
“سنعرضه على الجميع ليتفحصوه. سيُمنح الحاضرون في القاعة 10 ثوانٍ ليروا إن كانوا قادرين على قراءته. أما ضيوف غرف الـVIP فسيُمنحون 30 ثانية، وضيوف الـVVIP سيحصلون على دقيقة كاملة لتفحّصه.”
أومأت «تساي بينغ» برأسها، فانطلقت الموظفة إلى الأسفل حاملة الكتاب، تمرّره بين أيدي الحاضرين واحداً تلو الآخر…