الفصل 94

الفصل 94: بيع الحبوب

بعد أن هدأ الضجيج في القاعة قليلاً، بدأت «تساي بينغ» تتحدث مجدداً:

“أي شخصٍ حضر مزاد الأسبوع الماضي لا بد أنه يتذكّر الحبوب العديدة التي بيعت في نهاية العرض. كان الخيميائي الذي صنع تلك الحبوب يبيع معنا للمرة الأولى آنذاك. في ذلك الوقت، لم نتمكن من الكشف عن هويته — ليس لأنه أراد أن يبقى مجهولاً، بل لأن دار المزاد لم تجرؤ على سؤاله عن اسمه.”

ابتسمت بخفة وأكملت:

“لكن بعد مبيعات الأسبوع الماضي، بدا أن الخيميائي راضٍ عن تعاملنا، وقرر أن يمنحنا لقبه المستعار. من الآن فصاعداً، سيُعرف هذا الخيميائي باسم الذئب الأبيض.”

“بعد النجاح السابق، أحضر لنا الخبير «الذئب الأبيض» كميةً جديدة من الحبوب ليعرضها للبيع. وللتحديد، هناك 135 حبّة أمامكم الآن.”

صمتت «تساي بينغ» قليلاً، تاركة المجال للجمهور ليعبّر عن دهشته.

قال أحدهم من بين المقاعد:
«انتظري، هل كل هذا من خيميائي واحد فقط؟! سيدتي تساي، هل هذا صحيح؟»

وردّ آخر مذهولاً:
«مستحيل! ظننت أنهم أخرجوا كل الحبوب التي كانت مخصصة لمزاد اليوم! هذا من شخصٍ واحد؟!»

ثم قال ثالث بنبرة إعجاب:
«لا بد أن هذا الخيميائي أمضى أشهراً في صنعها. يبدو أن مبيعات الأسبوع الماضي لم تكن سوى تجربةٍ بسيطة له!»

وتساءل آخرون:
«هل سمع أحدكم من قبل بخيميائي يُدعى الذئب الأبيض؟»

ظلّت القاعة تعجّ بالأحاديث حتى قاطعهم صوتٌ قادم من إحدى غرف الـVIP:
«سيدتي تساي، كيف ستقومون ببيع هذه الكمية؟ لا يمكنكم بيع كل حبّةٍ على حدة، فذلك سيستغرق دهراً.»

ابتسمت «تساي بينغ» وقالت:

“بالفعل، فكرنا في ذلك. لذلك قررنا بيع الحبوب على شكل دفعات وليس فرادى.”

ثم أشارت إلى أول مجموعة من القوارير قائلة:

“في الدفعة الأولى لدينا: ترياق مئة سمّ، حبّة الشفاء البسيطة، حبّة تحسين الطاقة الروحية، حبّة القدمين السريعتين، وحبّة تدفئة الجسد. جميع هذه الحبوب تبلغ درجة تناغمها 32%. وسنبدأ المزايدة عند 40 حجراً روحياً، مع زيادةٍ دنيا قدرها حجرٌ واحد.”

لم تنتظر حتى أنهت كلماتها حتى بدأ الناس بالمزايدة:

“41 حجراً روحياً!”
“42 حجراً روحياً!”

قالت «ما رونغ» وهي تراقب من مقعدها في الأعلى:
«همم… كلها حبوبٌ شائعة، لكنها جيدة الجودة. من الواضح أن صانعها كان يستعد منذ شهور لبيعها في هذا المزاد.»

وردّ «أليكس» من دون قصد:
«لا…»

التفتت إليه معلمته بدهشة وقالت:
«ماذا تعني بـ(لا)؟»

عندها أدرك أليكس ما تفوّه به دون تفكير، فاستدار نحوها بخجلٍ وهمس عبر الإرسال الروحي:

“آسف يا معلمتي، لكنني قررت أن أبيع الحبوب التي صنعتها بنفسي… هذه الحبوب التي في المزاد هي حبوبي.”

اتسعت عينا «ما رونغ» بصدمة:

“ماذا؟ هذه الحبوب… لك أنت؟!”

ولأنهما كانا يتحدثان روحياً، لم تفهم الفتاة الجالسة خلفهما شيئاً.

سألت معلمته بدهشة حقيقية:

“هل تقول الحقيقة؟”

أجابها بثقة:

“طبعاً يا معلمتي، لماذا أكذب عليك؟”

ضيّقت عينيها وقالت:

“هل صنعت كل هذه الحبوب بنفسك؟ ومتى؟ ألم يتوقف تسليم العناصر يوم الأربعاء؟”

ابتسم وقال ببراءةٍ مصطنعة:

“أنا لست غبياً يا معلمتي، بالطبع سلّمتها يوم الأربعاء بالضبط.”

سكتت قليلاً ثم سألته بنبرة جادّة:

“كم يوماً استغرقت لصنعها إذن؟ ثمانية؟ عشرة؟”

تردد قليلاً وقال:

“أمم… أربعة أيام.”

صرخت بصوتها الحقيقي دون وعي:

“أربعة أيام؟!”

ولحسن الحظ، كان تصميم الغرفة عازلاً للصوت، فلم يسمع أحدٌ في الخارج.

قالت بدهشة:

“أنهيت صنع كل هذه الحبوب في أربعة أيام فقط؟!”
ثم خطرت لها فكرة وسألت ببطء:
“إذن السبب في أنك لم تسجّل أي حبوبٍ في سجلات التدريب هو…”

أجابها بهدوء:

“نعم، كنت أجمعها لبيعها في المزاد. أردت الحصول على أحجارٍ روحية، لذلك قررت بيعها كلها دفعةً واحدة.”

هزّت رأسها وقالت:

“إنها حبوبك، ومن حقك أن تفعل بها ما تشاء. لكن أخبرني، لماذا تحتاج إلى هذا القدر من الأحجار الروحية؟ هل تنوي شراء شيءٍ ما؟”

تلعثم قليلاً، ثم قال متجنباً الإجابة المباشرة:

“أمم… شيء من هذا القبيل.”

في الأسفل، كان المزاد على الدفعة الأولى يقترب من نهايته، وبيعت المجموعة مقابل 88 حجراً روحياً.
أليكس شعر بالرضا — لقد بدا له المبلغ جيداً جداً.

لكنه سأل فجأةً وقد شغله الأمر منذ أيام:

“يا معلمتي، كم يبلغ سعر الحبّة الواحدة عادةً؟”

أجابته وهي تراقب المزاد التالي:

“ذلك يعتمد على نوع الحبّة ومكوناتها. إن أحضرتَ المكونات بنفسك، فإن أجر الخيميائي لا يتعدى 5 أحجارٍ روحية للحبّة الواحدة. أما إذا كان الخيميائي هو من يجمع المكونات بنفسه، فالسعر يرتفع كثيراً، تماماً كما يحدث الآن في مزادك.”

وبينما كانت تتحدث، كانت الدفعة التالية تُباع بالفعل، وقد وصل السعر إلى 60 حجراً روحياً. كانت كل مجموعةٍ تالية تحتوي على حبوبٍ ذات تناغم أعلى، ولذلك كانت الأسعار ترتفع تدريجياً.

وبحلول النهاية، كانت جميع الحبوب تقريباً قد بيعت، ولم يتبقَّ سوى قارورتين.
الجمهور كلّه كان ينتظر بحماس، لأنهم علموا أن ما تبقّى لا بد أن يكون من أعلى درجات التناغم.

أما «ما رونغ»، فرغم معرفتها بموهبة تلميذها، إلا أن رؤية إنجازه بهذه الصورة الملموسة جعلها تشعر بشيءٍ من الذهول الحقيقي.

وأما «أليكس»، فكانت الابتسامة لا تفارق وجهه. لقد أدرك أنه جمع بالفعل ما يعادل 27 حجراً روحياً حقيقياً — أي ما يقارب 2700 حجرٍ روحٍ عادي.

بكلماتٍ أخرى…
في مقاييس حياته السابقة، كان قد ربح للتوّ ما يزيد عن خمسةٍ وعشرين ألف دولار — وما زالت هناك قارورتان لم تُباعا بعد!