الفصل 97: سوق اللؤلؤ

هوووش، هوووش، هوووش

كانت مروحية في السماء تواصل الطيران غربًا

وكان الجالس في مقعد القيادة ليس إلا سون شياولونغ من قاعدة الأصل الأخضر

وفي الصف الخلفي جلس 3 من أفراد القاعدة، جاءوا ليتعلموا الطيران ويجمعوا معلومات عن المسارات

أخ سون، نحن نطير ونسجل، وقد رصدنا عددًا غير قليل من الناجين على الأرض

قال أحد أفراد فريق القتال لسون شياولونغ

هذا طبيعي، لا يزال هناك كثير من الناجين في الخارج، فهم يجدون دائمًا طرقًا للعيش، وقد صادفهم فريق القتال كثيرًا حين كنا نخرج سابقًا

استدار سون شياولونغ في مقعد الطيار وصاح للعنصر

كانت المروحية قد دخلت مرحلة التحليق الاقتصادي، ما أتاح قدرًا من الاسترخاء للقيام بأشياء أخرى

ولم يكونوا يعلمون أنهم مرّوا للتو فوق الأخ لي ومجموعته

كانوا قد ابتعدوا عن قاعدة الأصل الأخضر نحو نصف ساعة، وقدّروا أنهم بحاجة إلى نصف ساعة أخرى لبلوغ وجهة الاستطلاع

وكان الأفراد يسجلون بدقة الأماكن التي يعبرونها، فهم لا يطيرون في خط مستقيم تمامًا، بل يضبطون الاتجاه أحيانًا، ويلتقطون صورًا على امتداد الطرق الوطنية والطرق السريعة من قاعدة الأصل الأخضر إلى وجهتهم

وبعد عودتهم سيقوم شخص بتشغيل هذه المواد واحدة تلو أخرى لاستخراج المعلومات منها

فلا تُستعمل مرجعًا للمعالم فحسب، بل أيضًا لاستكشاف المواد لاحقًا

وكان سون شياولونغ وبقية الأفراد يلقون نظرات إلى الأسفل بين حين وآخر، يراقبون المدن التي كانت مزدهرة يومًا وقد تحولت الآن إلى بلدات أشباح قاحلة خالية من البشر

في كل مكان مشهد خراب

وبعد شهر من أثر زمن النهاية، ومع ما سبقه من أمطار حمضية، اسودّت واجهات معظم المباني، وليس معلومًا إن كان ذلك من تآكل الأمطار الحمضية أم من أثر الدخان

لقد فقدت هالة الحضارة البشرية كثيرًا في هذا الوقت

ومضى الزمن سريعًا

كانت مروحية سون شياولونغ قد دخلت بالفعل أراضي مدينة تشو

ونهضت همم الأفراد أيضًا واستعدوا للمهمة التي توشك أن تبدأ

ألقى سون شياولونغ نظرة على جهاز الملاحة في المروحية وبدأ يفحص موقع الوجهة المحدد

ومع أن محطات القاعدة الأرضية لم تعد صيانة لها وفُقد إسناد التموضع، فإن الأقمار الصناعية في السماء لا تزال تعمل في هذا الوقت، لذا ما زال بالإمكان استعمال ملاحة الطائرة حاليًا

ومتى تعطلت الأقمار الصناعية أيضًا فلن يبقى أمامهم سوى نظام الملاحة بالقصور الذاتي للطائرة، إضافة إلى التموضع البصري بالبوصلة وطرق التموضع الهندسية

كانت الوجهة في أطراف مدينة تشو النائية قرب الساحل

بعد بضع دقائق

نظر سون شياولونغ إلى الملاحة، وكان ينبغي أن يكونوا الآن ضمن 10 كيلومترات من موقع الهدف

خفض ارتفاع المروحية قليلًا وبدأ يتفحص البيئة المحيطة بصريًا

في الأسفل مبانٍ متناثرة وأشجار في كل مكان، ومع أنها تعرّضت للتآكل أيضًا، فإن مظهرها العام لا يختلف كثيرًا عن بلدة ريفية عادية

تجهم قليلًا

وقال للذين خلفه

انظروا جميعًا إلى الأسفل، هل هناك مكان به ساحة لعب وبعض المباني الغريبة قليلًا

أقرّ الرفاق وبدؤوا بالبحث نحو الأسفل

بعد دقيقتين

أخ سون، هناك، مكان يبدو كساحة كرة، وبعض المباني تشبه عنابر نوم

بدا أن أحد أفراد الفريق قد عثر على شيء، فصاح داخل المروحية وأشار إلى اتجاه ما

نظر الآخرون إلى ذلك الاتجاه، وبالفعل كان بالإمكان تمييز ساحة لعب هناك على نحو خافت

حدّق سون شياولونغ، وجذب عصا التحكم وتقدم ببطء نحو ذلك الاتجاه

ولم يجرؤ على التحليق مباشرة فوقه لئلا يرسل لهم أحدهم هدية مباشرة، فسيكون ذلك نكتة كبيرة

تعلقت المروحية حين كانت على بعد نحو 800 متر، وعندها فقط أخرج منظاره لينظر إلى هناك

فظهرت له صورة مكبرة للمنطقة

المنطقة كلها محاطة بأسلاك شائكة، وبضعة مبانٍ يُشتبه أنها عنابر نوم، وإلى جوارها مبنيان صغيران بأربعة طوابق يشبهان مباني مكاتب، وبعض مبانٍ يُشتبه أنها مخازن غير واضح الغرض منها، وفي الخارج أيضًا واحد أو اثنان من ملاعب كرة السلة، وبعض الأماكن فيها معدات تمرين، لا أعرف شيئًا

قارن المشهد بما رآه سابقًا في المنطقة العسكرية التي أقام فيها، فتكوّنت لديه صورة عامة

لا بد أنه المكان

وبعد أن راقب حالة المباني والبيئة بعناية، تبيّن له أن بعض أبواب ونوافذ عنابر النوم ومباني المكاتب مفتوحة

لكن الوضع الدقيق غير واضح بسبب المسافة

وحين رأى ذلك تنهد بخفة في قلبه

ثم وضع المنظار ودفع عصا التحكم وبدأ يقود المروحية لمسح المنطقة حول ذلك الموقع

وعند أقرب نقطة كان البعد 500 متر فقط

ومع ذلك لم يحدث شيء

وبعد نحو خمس دقائق

كان قد دار حول المنطقة كلها مرتين وجمع معلومات كافية، فبدأ أخيرًا يقترب

400 متر

200 متر

100 متر

ومع ذلك لم يبدُ أي رد فعل هناك

تنفس سون شياولونغ الصعداء قليلًا

وعند هذه النقطة صار الأمر عمليًا لا يختلف عن التحليق فوق المكان مباشرة

وبعزم في قلبه، ناور بالمروحية وأخيرًا حلق فوقه مباشرة

هوووش، هوووش، هوووش

جلجل هدير المروحية في الأرجاء، وأبقاها على ارتفاع قرابة 50 مترًا، وهو ارتفاع مناسب لرؤية المنطقة العسكرية كاملة

ومع انخفاض الارتفاع كانت الرياح المتولدة قوية تكفي لتصل إلى الأرض وتثير عواصف من الغبار

وفي هذه اللحظة تمامًا

بدأت زومبيات بزيّ عسكري تندفع خارج المباني

كثير جدًا

ومع مرور الوقت تدفقت أعداد أكبر من الزومبيات من مبانٍ شتى، وتراكمت كلها مباشرة تحت المروحية

كانت ترفع أيديها وتزأر، كأن شيئًا ما هناك يجذبها

وقف شعر رؤوس الموجودين في المروحية، ففي أقل من دقيقة تراكم في الأسفل ما يُقدَّر بألف زومبي أو أكثر

وكان كومة الجثث ترتفع أعلى فأعلى وقد تجاوزت 10 أمتار

وبدا أنها ستواصل الارتفاع

كم عدد الزومبيات التي كانت داخل المباني المحيطة حقًا

لم يكن بوسع أحد أن يجيبهم

ومع توالي الوقت ظلّت زومبيات متناثرة تخرج جارية

ولم يكونوا هم أيضًا في فراغ، إذ واصلوا جمع المعلومات عن المنطقة بمعدات التسجيل المرئي لديهم

وفي الواقع كان سون شياولونغ وفريقه قد أدركوا النتيجة في هذه اللحظة، فبما أن هذا المكان قد احتلته الزومبيات فهو بالتالي بلا صاحب

لقد جاءت فرصة قاعدة الأصل الأخضر

وفي هذه اللحظة ربما تجاوز عدد الزومبيات في الأسفل ألفين، وقد تخطت كومة البرج الجثثي 15 مترًا

كانوا يطؤون أجساد رفاقهم ويكشرون عن أنيابهم ومخالِبهم باتجاه المروحية، وفي أقل من ثانية يُداسون مجددًا بمن يصعد من خلفهم، ويواصل برج الجثث الارتفاع

ابتلع سون شياولونغ ومن معه ريقهم خفية، وفجأة فهموا لماذا كان الجنرال تشين في قاعدة الأصل الأخضر مصرًّا إلى هذا الحد على رفع الأسوار وتغليظها

كانت تلك الزومبيات الملعونة مرعبة حقًا

بل ويمكنها فعل هذا أيضًا

فبضعة آلاف من الزومبيات قادرة على تكديس كومة تتجاوز عشرة أمتار، فإذا حوصرت قاعدة الأصل الأخضر يومًا بعشرات الآلاف منهم، هل لن تُخترق

وحين تخيلت المجموعة ذلك المشهد رشح عرق بارد من ظهورهم

وسجّلوا بسرعة المشهد في الأسفل، ليعرضوه عند عودتهم على القائد وعلى الجميع في قاعدة الأصل الأخضر، فهذه الزومبيات اللعينة قادرة فعلًا على بناء أبراج

وعند هذه النقطة أمكن للمهمة أن تدخل نصفها الثاني

ناور سون شياولونغ بالمروحية ودار ببطء حول المكان، فلم يترك مبنى واحدًا ولا حفرة في الأرض إلا وتحقق منها وسجل كل تفصيل بوضوح

وأخيرًا

بعد أن أمضوا قرابة خمس عشرة دقيقة هنا اكتملت المهمة أخيرًا

وكان إنذار وقود المروحية قد ذكّرهم بأن وقت العودة حان

وبلا تردد، ووفق تعليمات الجنرال تشين، لم يقم سون شياولونغ بسحب الزومبيات بعيدًا عن هنا

وارتفع بالمروحية متجهًا إلى قاعدة الأصل الأخضر

وبعد أن فقدت الزومبيات هدفها، بدأت كارهة للضوء تبحث لكل منها عن موضع ظليل لتختبئ فيه