الفصل 89: زلزال

4 نوفمبر

بلدة مينتانغ

سماء ملبدة بالغيوم

كانت شمس الصباح محجوبة بغيوم داكنة فلم تستطع إنارة الأرض

لن ينسى تشين جين هذا اليوم أبدًا

استيقظ مبكرًا وتخلى عن تمارينه وظهر عند مدخل مبناه الصغير

كان قد أخبر فريق القتال البارحة أنهم لن يخرجوا اليوم لأنه سيجري ترتيبات أخرى

مشى أولًا ببطء على طرق القاعدة يتفقد المباني أمامه ويقارنها بذاكرته ليتأكد من جاهزيتها وقدرتها على الصمود أمام التحديات المقبلة

لم يمشِ بسرعة

وكان يصادف أحيانًا عاملين في القاعدة يستيقظون ويسرعون إلى قاعة الطعام للفطور أو يستعدون للذهاب إلى مواقع عملهم فيحييهم

وكان تشين جين يرد على كل واحد منهم

ولم يطل حتى أنهى تفقد الطابق الأرضي

ثم نزل إلى القبو الأول ثم القبو الثاني

ولم يجد مشكلات أيضًا

عمومًا لم يكن هناك ما يحتاج إلى استكمال إضافي ويبدو أن أهل القاعدة نفذوا تعليماته

لقد فحص كل ذلك في الأيام الماضية لكن مع اقتراب التحدي كان قلبه قلقًا على الدوام

ولم يخفف هذا القلق الغامض إلا تفقد إضافي

بعد إنهاء التفقد ذهب إلى قاعة الطعام للفطور ثم عاد إلى مبنى مكتبه

كانت القاعدة اليوم على غير عادتها خالية تقريبًا من الخارجين وحتى السور لم يكن بحاجة إلى إصلاح

بقي معظم الناس داخل المباني يعملون يدويًا كشحذ السهام الفولاذية والخشبية والأدوات والدروع

لقد جُلبت مواد كثيرة في هذه الأيام بما فيها كثير من الفولاذ والخشب وفي القاعدة أيضًا ماكينات وأدوات أخرى لذا حتى إن كثيرين لم يعرفوا تشغيلها بداية فقد تعلموا سريعًا بإرشاد من يعرف

صحيح أن المقاليع اليدوية والأقواس ليست بقوة الأسلحة النارية لكنها قد تكون فعالة جدًا في ظروف معينة لأن صوتها الخافت لا يجذب عددًا كبيرًا من الزومبي

ولذلك حين لا تكون لدى الأفراد مهام أخرى ترتب لهم القاعدة أحيانًا هذه الأشغال اليدوية ضمن قدرتهم

وهذا يخفف أيضًا ضغط بطء إنتاج الرصاص

وبعض الناس كانوا يعملون داخل الورش على تعديل السيارات وصيانتها

أما السيارات غير المعدلة فصارت الآن مجرد مركبات خشنة والخروج بها يجعل صاحبها عرضة للزومبي

وحين تتوفر الظروف فمن الطبيعي أن تُعدَّل كل مركبة خارجة لزيادة الأمان

على أي حال لن يفتش أحد عن التعديلات بعد الآن

الأهم هو ما يحقق الأمان الأعلى

في غرفة الاجتماعات في الطابق الثاني من مبنى المكتب

كان جميع أعضاء فريق القتال قد وصلوا يشاهدون بعض مقاطع التعليم على الأسلحة النارية التي وفرها لهم القائد مسبقًا

كانت المقاطع تتضمن شروحًا تفصيلية لأساسيات الرمي وقد اشترى تشين جين هذه المعرفة من آخرين

في الصين وربما بسبب ضبط السلاح لا تُحظر مواد المعرفة مثل هذه بصرامة إذ يُظن أن الناس العاديين نادرًا ما تتاح لهم فرصة الإمساك بأسلحة نارية فعلًا

كانوا الآن يشاهدون بانتباه ويمتصون النقاط الأساسية

لقد تحسنت قوتهم جيدًا في هذه المدة لكن أمام الجميع مجال معتبر للتطور

والتعلم لا ينتهي ومن يصبح أقوى يملك أملًا أكبر في البقاء

وبالطبع كان هذا التعلم في القاعدة لأن تشين جين كان يعلم أن أمرًا سيحدث اليوم فاختلق عذرًا ليبقيهم داخل القاعدة

لم يكن ليحتمل خسارة هؤلاء الذين يصعب تدريبهم في الخارج

مر الوقت والجميع يعملون ويدرسون بصمت

وكان تشين جين وحده ينتظر في قلبه

طوال الصباح

لم يحدث شيء

بعد الغداء واستغلالًا لقيلولة الظهيرة عاد الجميع إلى مساكنهم للراحة

وبقي تشين جين في مكتبه واقفًا عند النافذة الممتدة يتطلع إلى السماء في الخارج

كانت بعض الغيوم قد تفرقت في هذا الوقت وانكشف ضوء الشمس في مواضع معينة مانحًا الأرض بارقة ضوء

لكن قلبه لم يشعر بالارتياح

فقد كان واضحًا أن عددًا كبيرًا من الطيور يطير في السماء

ولم تكن تطير في اتجاه واحد بل تدور على غير هدى كذبابة بلا رأس

سمح له هذا المشهد بأن يؤكد بنسبة 100% ما سيحدث لاحقًا

نعم

الزلزال بات وشيكًا

لكن لا حاجة للذعر الزائد

ففي انطباعه لن يكون هذا الزلزال في الجنوب قويًا جدًا

وعلى العكس ستكون المناطق الشمالية مرعبة على نحو استثنائي إذ إن تلك الجهات تاريخيًا كثيرة الزلازل في الصين

الساعة 1:48 ظهرًا

وباستثناء المناوبين كان جميع أفراد قاعدة الأصل الأخضر قد أنهوا قيلولتهم وعادوا إلى مواقع العمل لمتابعة مهامهم

داخل أحد الورش

كان رجل يشحذ السهام

فجأة

شعر أنه تمايل

رفع رأسه ونظر حوله فلم يجد من دفعه وبدا الآخرون طبيعيين

ظن أنه توهم وعاد إلى عمله

ولم تمضِ ثانيتان

حتى تمايل ثانية

وكانت هذه المرة أقوى

رفع رأسه ثانية فرأى كثيرين من أهل القاعدة يرفعون رؤوسهم أيضًا ونظر الحيرة بادٍ في عيونهم

حتى وقع اهتزاز أشد عنفًا

عندها استوعبوا أخيرًا

زلزال

زلزال اخرجوا جميعًا

سمع الجميع الصياح وشعروا بالاهتزازات المتزايدة قوة فتوقفوا عن العمل واندفعوا خارج المباني

وبفضل مسارات الإخلاء الجاهزة واشتراط الإدارة في هذه المدة بقاء أبواب المصانع مفتوحة وعدم تكديس الفوضى في الممرات تمكن الجميع من الجري سريعًا وسلاسة إلى المنطقة المكشوفة في القاعدة

وبعد قليل

كان معظم أفراد القاعدة قد خرجوا

وانخرط الجميع في نقاش متحمس

وبينما يشعرون بالاهتزاز المستمر في الأرض ويرون بعض الأشياء غير المثبتة من حولهم تتمايل قليلًا أدركوا جميعًا أن زلزالًا يحدث فعلًا هنا

وكان يُعد هزة قوية نسبيًا بالنسبة للجنوب

وبينما كان الناس يتحدثون ظهر مديرو القاعدة

جاء تشين جين في المقدمة ومعه الآخرون ووقف أمام الجميع ورفع مكبر الصوت الذي أعده مسبقًا وصاح بصوت عال

لا تفزعوا لقد وقع زلزال لكنه غير قوي وقد عززنا مبانينا تعزيزًا خاصًا خلال البناء وأعتقد أنها قادرة تمامًا على تحمل هذا الزلزال

رجاءً حافظوا على النظام ابقوا في المنطقة المكشوفة وانتظروا حتى يزول الزلزال ثم عودوا

لا تعيثوا فوضى ولا تفكروا بفعل ما لا داعي له ومن يُضبط سيُطرد من القاعدة

نظر الجميع إلى قائدهم وهو يتحدث في الميكروفون وأشاروا إلى فهمهم

وفي وقت كهذا من يجرؤ على العودة إلى مبنى

والبقاء في الخارج فرصة لطيفة لالتقاط الأنفاس قليلًا

وهكذا كان

بقي جميع أفراد قاعدة الأصل الأخضر في المنطقة المكشوفة تطمئنهم الإدارة منتظرين نهاية الزلزال

ولم يكن فريق الدفاع وفريق القتال في راحة أيضًا فقد أمسك الجميع أسلحتهم وأخذوا مواقع الحراسة موجهين وجوههم في الأساس إلى الخارج

فمع ضرب الزلزال إن انهار السور على غير المتوقع وانتهزت الزومبي الفرصة للهجوم فستكون معركة ضارية

وعلى الرغم من أن هذا الاحتمال ضئيل جدًا جدًا فلا بد من الاحتياط

وعلى كل حال كانت القاعدة كلها على أعلى درجات التأهب

ولم يجرؤ أحد على المزاح في وقت كهذا

في الشمال حيث لا يعلم الناجون في الجنوب

مقاطعات سيتشوان وقانسو وهيلونغجيانغ وشينجيانغ وشنشي

هذه المقاطعات التي اعتادت تاريخيًا كثرة الزلازل تشهد الآن هزات قوية نادرة

كانت الهزات بقوة 5 و6 درجات شائعة في هذه المناطق

وبعض المقاطعات شهد زلازل قوية بقوة 7–8 درجات

ولحسن الحظ تركزت الزلازل القوية في مناطق شمالية غير مأهولة وإلا لمات ناجون أكثر في هذه الكارثة الطبيعية حتى لو لم تقتلهم الزومبي

اندفع كثير من الناجين خارج بيوتهم اتقاءً لسقوط المباني المحتمل

لكنهم واجهوا حينها زومبي خرجت بدورها بفعل الزلزال

وبعض الناجين اعتمادًا على متانة بيوتهم تمسكوا بالبقاء داخلها خوفًا من الزومبي في الخارج

وكلا الطرفين جرب كل ما يستطيع للبقاء

ولحسن الحظ كان الوقت بعد الظهر وكانت معظم الزومبي أصلًا داخل المباني ومع وقوع الزلزال اضطربت في أماكنها ولم يخرج كثير منها إلى الخارج

ولم يكن الأثر في الناجين الصينيين كبيرًا جدًا

وعلى العكس

عانت دول أخرى أكثر بكثير

فالزلزال لم يكن سوى مقبلات وتبع هذه الكارثة فورًا ما هو أشد رعبًا من الكوارث الجيولوجية

ثوران البراكين

فهذه المرة لم تكن الزلازل وحدها بل اندلعت براكين متعددة في العالم دفعة واحدة

جبل فوجي في اليابان القريب نسبيًا من الصين ومتنزه يلستون الوطني في الولايات المتحدة الأبعد ومعهما مئات البراكين النشطة حول العالم التي رقدت عقودًا أو قرونًا كلها تفجرت اليوم بعروض مذهلة لا تصدق

قُذفت مليارات الأطنان من الحمم المحرقة إلى السماء تصبغ الأرض المحجوبة الشمس بحمرة

ثم اندفع دخان كثيف سام يتدحرج بغضب كأنه يطلق مخزون سنوات طوال

عند هذه اللحظة

غطيت مساحات شاسعة من السماء بسرعة وفقد ضوء الشمس سيادته على الأرض

ولم يعد أمام الكائنات الحية كلها إلا أن ترتجف تحت سطوة كونية عظمى

وبدت القوة القصوى للبشر القنابل النووية باهتة مقارنة بذلك

وفي هذه اللحظة أعلن النجم الأزرق مرة أخرى من هو الوجود الأقوى