الفصل 88: التحضير النهائي

“لا، يجب أن تجدوا وسيلة لمواصلة البحث عن جذر المشكلة، ويجب أن ترفعوا معدل المردود”

لم يستطع تشين جين قبول معدل العيوب الحالي

لذا ضغط مباشرةً على دونغ هوي والآخرين

“السيد تشين، لا تقلق، سنعثر على المشكلة بأسرع ما يمكن حتى لو راهنت بحياتي القديمة سأصلحها وإن عجزت فسأغادر القاعدة بنفسي”

كان دونغ هوي يقطع على نفسه عهدًا صارمًا

“لا حاجة لهذا الكلام ابذلوا أقصى ما عندكم إن واجهتم مشكلة تعالوا إليّ في أي وقت وسأجد طريقةً لمساعدتكم”

ربّت تشين جين على كتفي دونغ هوي وانغ بين، ضاغطًا عليهما من جهة، ومن جهة أخرى لم ينس أن يمنحهما بعض التشجيع

“اطمئن يا سيد تشين”

قال دونغ هوي وانغ بين بصوتٍ واحد

في الواقع، حتى من دون أمر السيد تشين كان دونغ هوي سيبذل قصارى جهده

فلأنها كانت خطة البحث عن العائلة التي وضعها الزعيم استطاع أن يجد أمه

وعلى الرغم من أن والده قد توفي، فإن تمكّنه من إعادة أمه جعَل الزعيم مُحسنًا في حقه

ولم ينس الوعد الذي قطعه له حين التقيا أول مرة في المصنع الكيميائي

لقد ساعده حقًا على العثور على أفراد عائلته

ولذلك صار الآن عمره مرهونًا للزعيم

كان هذا وعدًا بين رجالٍ صادقين

من دون برهانٍ مكتوب

ومع ذلك ثابتٌ على نحوٍ لا يُصدّق

أما وانغ بين فقد تقدم هو أيضًا بطلب إنقاذٍ عائلي، لكنه لم يجد أفراد عائلته للأسف، غير أن أفعال قاعدة غرين أوريجن عمّقت لديه كثيرًا شعور الانتماء إلى هذا المكان

قاعدةٌ قاسية على الغرباء، لكنها رحيمةٌ بأهلها

وذلك دائمًا ما يمنح الناس إحساسًا بالانتماء

واصل تشين جين التواصل معهم طويلاً هنا

حتى قاربت الشمس كبد السماء

آنذاك فقط تركهم يواصلون الاجتهاد، وعاد هو إلى مكتبه

جلس على كرسيه

ضمّ كفيه وأسند ذقنه وهو يفكر

وفق سرعة إنتاج الذخيرة الحالية، فإن ألفًا أو أقل من ألفي طلقة في اليوم بطيءٌ حقًا

ومع ذلك فهم لا ينتجون إلا عياري الذخيرة الأكثر شيوعًا: طلقات المسدسات والرشاشات الخفيفة

هناك عياراتٌ كثيرة تُستخدم في المسدسات والرشاشات، لكن معظم ما غنمه من مركز الشرطة كان من الطراز نفسه، لذا فتركيز الإنتاج على عيارين أمرٌ جيد

أما العيارات الأقل شيوعًا وندرة الاستخدام، وكذلك ذخيرة البنادق القنّاصة وطلقات البنادق الرشّاشة، فلا خطة مؤقتًا لإنتاجها

سيفكر في غير ذلك بعد أن يُكدّس ما يكفي من طلقات المسدسات والرشاشات العادية أولًا

والأولوية الآن ما تزال رفع معدل المردود

وإلا فإن هدر المواد بهذه الصورة سينفد بالمستودع في النهاية

وحتى لو استطاعوا العثور على المزيد خارجًا، فذلك ليس حلًا طويل الأمد

كل ما يستطيع فعله هو أن يأمل أن يبذل دونغ هوي والآخرون جهدًا أكبر

أو يفكر إن كان ثمة وسيلة للعثور على بعض العارفين بالتصنيع الميكانيكي من الخارج

وكان هذا خطأه أيضًا، إذ استهان بصعوبة تصنيع الذخيرة، وإلا لكان قد استقطب بعض المواهب ذات الصلة من قبل

ولا حيلة الآن

بعد أن انتهى من شأن إنتاج الذخيرة واصل التفكير فيما سيفعله لاحقًا

بعد انتهاء خطة البحث عن العائلة اليوم ستُغلق المروحية، على الأقل لتجنب تأثرها بالكوارث القادمة

ويجب على القاعدة كذلك أن تستعد وتنسّق أمورها

بعد الغداء عند الظهيرة

في غرفة اجتماعاتٍ بمبنى المكاتب

كان الحضور هذه المرة أكثر بكثير

باستثناء بعض أعضاء فريق القتال الذين ما يزالون في مهام إنقاذٍ أو خرجوا بحثًا عن إمدادات

كان والد تشين وأمه والعم الأكبر وانغ يانغ وتشاو لينغ وغيرهم من الشخصيات المهمة في القاعدة حاضرين في العموم

كان الجميع مرتاحين نسبيًا، جالسين على كراسيهم، ينتظرون ما سيقوله الزعيم عند رأس الطاولة هذه المرة

“يعلم الجميع أن الإنقاذ ينتهي اليوم سواء نجح أو فشل فلن نعيده خلال فترةٍ قصيرة”

تلفت بنظره فرأى أن الجميع على علم

ثم تابع تشين جين

“ابتداءً من الغد يجب أن تُجمَع كل المعادن المكشوفة والألواح الشمسية داخل القاعدة أو تُغطّى بالكامل بأغطية البلاستيك المانع للماء الموجودة في مستودعنا”

“وبالأخص البركة تحتاج إلى عنايةٍ خاصة لا أريد أن يؤثر الخارج على إمدادنا المائي حين تمطر أو تعصف الزوابع”

“وأيضًا شيدوا داخل القاعدة مزيدًا من الحظائر البسيطة باستخدام مواد مقاومة للمطر والتآكل لنركن مركباتنا، أما ما لا يتسع لها المكان فتُقاد إلى داخل مبانٍ في المصانع المهجورة القريبة”

“أعرف أنكم تريدون السؤال: لماذا نفعل هذا سأشرح لاحقًا، أما الآن فعليكم تنفيذ الأوامر”

“إن كان لديكم أي سؤال فاسألوا الآن وسنحلّه فورًا”

نظر الجميع إلى بعضهم بعضًا

لم يكونوا يتوقعون أمرًا غريبًا كهذا

وكان والد تشين أول من تكلّم

“يا جين، لا مشكلة في تنفيذ ما تقول، لكن تغطية الألواح الشمسية ستؤثر في تخزين طاقتنا، أليس كذلك”

كانت هذه مشكلةً واضحة جدًا، وكان والد تشين يتولى هذا الجانب مؤخرًا، لذا طرح السؤال

“أعلم أنها ستؤثر في توليد الكهرباء، لكن يجب فعل ذلك إن لم تكفِ الكهرباء فاستخدموا الوقود للتوليد لدينا آلاف الأطنان من الوقود استُعيدت حديثًا، وأنواعٌ كثيرة من المولّدات، ويمكننا التعامل مع الأمر في الأمد القصير”

ولما سمع والده هذا من ابنه لم يجد ما يقوله بعد

كما لم يطرح بقية الحضور مزيدًا من الأسئلة وخرجوا من غرفة الاجتماعات واحدًا بعد آخر ليستعدوا للانشغال

وسارت تشاو لينغ، عن قصدٍ أو من دون قصد، آخر الخارجين من بين الناس

وقبل أن تغادر غمزت لتشين جين

فدحرج تشين جين عينيه عليها

في فترة بعد الظهر

داخل القاعدة

كان المديرون قد بدأوا التحضيرات وفق تعليمات الزعيم

فقد سُحبت أغطية البلاستيك المانعة للماء التي كانت قد اشتُريت مسبقًا وخُزّنت في مستودعٍ معين

وبتوجيهٍ من القيادة بدأ الأفراد بتغطية بعض المباني داخل القاعدة

وبين جنبات القاعدة، باستثناء بعض الفراغات، كانت معظم المباني بحاجة إلى تغطية، لذا لم يكن المشروع صغيرًا

ومنذ أن رُفع جدار القاعدة المحيطي إلى 12.5 مترًا قبل فترة، انشغل الأفراد بأشياء أخرى مدةً، ثم نُظّم بعض الفارغين لمواصلة البناء والرفع

وفي هذا الوقت بلغ الارتفاع 15 مترًا

وبعد بلوغ هذا الارتفاع لن يُرفع مؤقتًا أكثر، وبدأ أيضًا التغليف بالأغطية لمنع تأثر الجدار الذي لم يتصلّب بالكامل بعد لاحقًا

تبلغ مساحة القاعدة 30,000 متر مربع، ويحتاج ما يقرب من 20,000 متر مربع إلى تغطية، ولا بد أن يستغرق ذلك وقتًا كبيرًا

كما يلزم إنجاز تصريف المياه في القاعدة على نحوٍ تام، وإلا فإن تراكم الماء لاحقًا من دون تصريف سيكون مشكلةً كبيرة أيضًا

ومن المقدّر أن يستغرق مشروع التحضير كله يومًا أو يومين لإكماله

ويمكن لفكرة لي شُو أن تتيح للناس الخروج مسبقًا لحفر ثقوب الأعمدة

لكن من الأفضل التعامل معها بعد أن تمرّ الأمطار الحمضية

وعندما تدعو الحاجة لاحقًا يمكن إدخال أعمدةٍ فولاذية مباشرةً ولفّ أسلاكٍ فولاذية حولها

مع حلول المساء

عادت أخيرًا آخر مروحيةٍ في مهمة إنقاذ البحث عن العائلات

وهذا أعلن اكتمال نهاية الخطة

وقد أُنقذ هذه المرة ما مجموعه 9 أشخاص

رجال ونساء، شيوخٌ وصغار

وعاد عدد سكان القاعدة يقترب مرةً أخرى من حاجز المئة

وقد قابل تشين جين هؤلاء الناس خصوصًا، وأخبرهم ببعض شؤون المكان، وبالثمن الذي دفعه أقاربهم وأصدقاؤهم لإنقاذهم

وبعد اقتطاع نصف طعامهم لن يموت هؤلاء جوعًا، وإنما لن يشبعوا كما في السابق

ما داموا قادرين على مواصلة العيش وخدمة القاعدة جيدًا وتقديم الإسهام

فستتاح لهم فرصة رفع معاملتهم مرةً أخرى في المستقبل

وكان هذا بالفعل أسلوبًا عادلًا نسبيًا

وربما يرى بعض الناس أن الزعيم قاسٍ، فلا يمنح معاملةً خاصة حتى للأقارب

وهذا صحيحٌ بالفعل، لكن المعاملة الخاصة تعتمد أيضًا على الشخص

فمعظم من في القاعدة غرباء لا قرابة لهم بتشين جين من قبل أن يحيوا معه، وأن يُوفَّر لهم الآن مكانٌ آمن وطعامٌ وشراب

فهذا يُعد إحسانًا بالغًا

وبالطبع قد يرى بعض الناس أنه محسنٌ أيضًا

لكنهم لا يعلمون أنهم أحجارٌ يمكن التضحية بها في أي وقت

في هذا الزمن الخراب، حيث لا ذوي قوى خارقة ولكن أخطارٌ لا تُحصى

لا نجاة أفضل إلا بالتكاتف